وصايا لأهل القرآن
الوصية الأولى
دورة تحفيزية قدمت على أكاديمية الحسيني لشحن الهمم وتقوية عزيمة الطالب وعلاقته بالقرآن الكريم، ويلقي الدورة مجموعة من عمالقة ومشاهير القرّاء في العالم الإسلامي، وفيها يجد الطالب خلاصة تجاربهم، وعقيق نصائحهم.
نصيحة خادم القرآن الكريم د.أيمن رشدي سويد بعنوان نصائح قبل البداية.
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على سيدنا و نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فهذه نصائح و توجيهات لكل شاب و شابة من أمة الإسلام، يريد أن يقبل على تعلم كتاب الله عز و جل.
- أول شيء دائما، علمنا ديننا أن نصحح النية، لماذا أريد أن أتعلم؟ هل لأكون متقنا لكلام الله؟ أم أكون مرضيا عند الله؟ أم أكون متعلما ثم معلما لكتاب الله؟ أم ليقال عني القارئ فلان والشيخ فلان، المقرئ فلان، الجامع للعشرة الصغرى و الكبرى، و لا اعرف من قبيل هذا الكلام الدنيوي الذي يراد به الرفعة على الناس، إن كانت الأولى فنعم ما يصنع، و إن كانت الثانية فبئس ما يصنع، فلنصحح نيتنا جميعا عند التعلم و عند التعليم، و لا نريد إلا وجه الله عز و جل و الدرجات العلى من الجنة، فأما الدنيا تأتي راغمة، بإذن الله تبارك و تعالى، ما رأيت أحدا صاحب القرآن بالصدق إلا كفاه الله أمر الدنيا.
الأمر الثاني: أن نبدأ بتعلم أحكام التجويد النظرية، ثم تطبيقها عمليا، قاعدة و تطبيق و لا نعتمد على التلقين مباشرة بدون فهم، التلقين المباشر بدون فهم للأحكام و معرفتها يؤدي بعد مرور الأيام إلى انحراف في القراءة و اعوجاج و عودة اللسان إلى ما كان يألف من كيفية النطق لأنه ليس لديه ميزان و ليس لديه قواعد يطبقها، فعلم التجويد النظري لابد منه، و يتدرب على تطبيقه عمليا، و لما أقول علم التجويد أقصد كل قواعده و لا أقصد بعض قواعده، بعض أخوانا يقرأ التنوين و الميم و المد و القصر و يقول أنا أعرف التجويد، لا أنت تعلم شيئا من علم التجويد و لا تعلم كله، فإن أردت الإتقان فتعلمه كله، بدءا من مخارج الحروف ثم صفات الحروف مفردة، ثم صفات الحروف مركبة، و ما يترتب على ذلك من أحكام، هذه المرحلة قبل الحفظ، لمن أراد أن يحفظ.
ثالثا: التدرب على يدي أستاذ متقن، إن لم يكن متقنا فلا فائدة من القراءة، لا بد أن يكون الأستاذ متقنا، فإن كان الأستاذ مضيِّعا سيخرج لنا نماذج ناقصة و مشوهة، و من أراد أن يحفظ شيئا من القرآن أو يحفظ القرآن كله،فليصحح النية كما ذكرنا و ليبدأ بالحفظ مستهينه بالله عز و جل، و الأفضل أن يكون على يدي أستاذ كما ذكرت آنفا، لأن القرآن طويل و كبير و الإنسان لوحده يمل بعد فترة ممكن يحفظ صفحة أو صفحتين، جزء أو جزئين ثم يمل، بينما ل كان ملتزمات مع أستاذ أو حلقة قرآنية فإن ذلك يعينه.
موضوع الحفظ: الحفظ هو جعل نسخة من القرآن الكريم في الذاكرة العميقة، التي أكرمنا الله تعالى بها نحن معشر البشر، أن تجعل نسخة من كلام الله عز و جل في الذاكرة العميقة هذا يأخد وقتا، ثم إن هذه الذاكرة التي أعطانا الله إياها ليست على درجة واحدة، و إنما على درجات يعني لسنا سواء نحن البشر في القدرة على إمساك المعلومات، فبعضنا أعطاه الله الذاكرة القوية، و بعضنا أعطاه الله الذاكرة المتوسطة، و بعضنا أعطاه الله الذاكرة الضعيفة، قال جل جلاله فاقرءوا ما تيسر من القرآن ، فليس شرطا أن يحفظ كل أفراد الأمة القرآن كله، هذا لا يقدر عليه إلا من آتاه الله عز و جل مستوى معينا من الحفظ، و القدرة على إمساك المعلومات و الهمة العالية، أما الإنسان العادي فممكن يحفظ أضعف ما فيها قصار السور مع الفاتحة، أعلى من ذلك بقليل يحفظ جزء عمَّ، أعلى من ذلك بقليل يحفظ جزئي عم و تبارك، أعلى من ذلك يحفظ جزئي عم و تبارك و البقرة، و هكذا يزيد بقدر ما يستطيع، و ليس شرط غن يحفظ القرآن كله، فإن لم يستطع حفظ القرآن كله، بعض الإخوة يقولون أُصبنا بإحباط، لا داعي أن تصاب بإحباط يا أخي، خذ من القرآن بقدر ما تقدر و ما لا تقدر عليه فدعه، كما قال الشاعر:
إذا لم تستطع شيئا فدعه و جاهزه إلى ما تستطيعفإن أكرم الله عز و جل الإنسان بدراسة علم التجويد النظري و تطبيقه عمليا، و التدرب عليه إلى أن صارت قراءته تمام، لا يضيع و لا حكم من الأحكام، ثم بعد ذلك بدأ بسرد القرآن الكريم على أستاذ متقن، ذي إسناد متصل إلى النبي صلى الله عليه و سلم، يسرد عليه القرآن كله فإذا تنتهى و لمس منه أستاذه القدرة على التعليم، أجازهقال له أجزت غن تقرأ و تقرأ، فإن حصَّل هذه المرحلة، كما جلس للتعلم عليه أن يجلس للتعليم، حتى تكمل أهليته لمنزل خيركم من تعلم القرآن و علمه.
اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين، آمين آمين آمين، وصلى الله على سيدنا و نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قاله خادم القرآن الكريم أيمن رشدي سويد عفا الله عنه.
تعليقات
إرسال تعليق